أما بعد صدور حكم مجلس النقابة ضدي و حرماني ظلما من مزاولة مهنتي كمحامي و مع تكراري لأقوالي السابقة و انكاري لجميع التهم الموجه ضدي فاني ما أزال أرى الامور كما سابق عهدي :
فالمحامي كصاحب مهنة علمية حرة يمثل العلم و الفكر و النزاهة و الشجاعة و النجدة و المروءة و القدرة على قول الكلمة الحق و اقالة عثرة الملهوف مهما بلغت التضحيات .
و المحامي كمواطن سوري . . معني بموجب الدستور و القانون بالمشاركة بالشأن العام و الاسهام في الحياة العامة باتخاذه المواقف المناصرة للحقوق الأساسية للمواطن, المدنية منها و السياسية او الاجتماعية و الاقتصادية او الثقافية و غيرها من الحقوق .
و المحامي كمثقف . . مبادر و متفائل و ملتزم بالمشاركة في انتاج الرؤى و التصورات و التوجهات الفكرية و السياسية و المؤمن بدور الفكر في رسم آفاق المستقبل و العالم بواقع القيم المحلية لمجتمعه و تراثه القانوني و الانسانسي .
و المحامي كانسان. . يمثل ضمير الجماعة و صوتها و هو المدافع عن حقوقها و هو صاحب النزعة الانسانية الكامنة وراء التزامه بقيم العدل و المحبة و المساواة و المناصرة لقضايا المقهورين و المظلومين و المحمّل بمشاعر تأنيب الضمير في مواجهة كل ما يصادفه من ظلم او جور او هوان .
و بناء عليه فأنا لم اكن في يوم من الأيام أوجه نقدي من أجل النقد . او متمرد على ماهو سائد حبا مني بالتمرد .
او رافضا للتقليد رغبة مني بالرفض ,و لكن حملت قيم و مبادئ و اهداف كونتها من قناعاتي السامية بوصفي محاميا مهنيا و مواطنا سوريا و مثقفا و انسانا .فقد ترعرعت في ظلال نقابة المحامين بدمشق , و والدي رحمه الله شغل فيها المناصب القيادية منذ ما يقارب النصف قرن , وانا مارست من خلالها مهنة المحاماة لما يقارب العشرين عاما و نقابتي أغلى عندي بكثير من أن أضع نفسي في مواجهتها أو حتى أن اثقل عليها . . . رغم الظلم الذي لحقني حيث تم توظيف النقابة لايقاعه بي , فأنا رغم كل ما حصل – و على الرغم من مرارة الظلم – ألتمس العذر وأتفهم الأسباب التي دفعت بالبعض للموافقة على مثل هكذا قرار. بنفس الوقت الذي أجد نفسي مفعما بالأمل و التطلع لمستقبل أفضل نتيجة للموقف المشرف الذي اتخذه ثلاثة من اعضاء المجلس الذين رفضوا ايقاع أي عقوبة بي انتصارا للحق و لاخلاق مهنة المحاماة و للقيم النقابية الأصيلة المستمدة من عراقة الكبار من اعلامها.
و لئن كانت السهام المسمومة التي وجهت لصدري كثيرة , وقد اصابتني في كل موضع من مهنتي كمحامي الى حريتي كمواطن و الى حقي بالقراءة داخل السجن كمثقف .لكن انى لها ان تصيبني في انسانيتي .
لذلك آثرت أن لا اعيد تلك السهام الى اصحابها لا بالطريقة التي صوبت بها نحوي و لا بعد انتزاع سم الحقد عنها . فانا لا اعتقد ان لاحد مصلحة في سورية في خلق حالة من الحيرة او التردد او انعدام اليقين يحول مستقبلا دون حسن المبادرة لدى شريحة مهمة من شرائح المجتمع السوري ( كالمحامين ) تحول دون امكانية المساهمة الايجابية في الشان العام او المشاركة الفاعلة في مسيرة بناء البلاد من خلال استهداف زميلهم بأوصاف مغلظة جنائية و جنحية على خلفية نشاطهم في مجال حقوق الانسان من جهتي لا اعتقد اننا امام ازمة مسدودة الافق بدون حل و برايي فان الوقت لم يفت ليتحلى الجميع بالشجاعة اللازمة لاعادة النظر بمواقفهم على ارضية المحبة و المواقف الانسانية التي لايمكن من دونها اقامة مواقف سياسية او حتى تبريرها من اي سلطة وطنية وفي اطار وطني .
و اخيرا ان هذا القرار الذي صدر بحقي و قضى بحرماني من مزاولة مهنتي كمحام أعتبره وساما على صدري اعتز به و أقدمه هدية للمقهورين و المظلومين و المحرومين و على راسهم معتقلي الراي و الضمير الذين سبق و ان تشرفت بممارسة حقي المشروع في الدفاع عنهم .
اترك تعليقاً