يعرب مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز عن قلقه البالغ إزاء قرار المجلس العسكري رقم (193) لسنة 2011، والخاص بتعديل بعض أحكام قانون الطوارئ رقم 126 لسنة 2010، لمواجهة أخطار الإرهاب والإخلال بالأمن القومي والنظام العام في البلاد، والبلطجة، والاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت وتعطيل المواصلات وقطع الطرق وبث إذاعة أخبار أو بيانات كاذبة.
ويؤكد المركز أن ما تشهده مصر من اضطرابات لا تحتاج لقوانين استثنائية، وإنما تحتاج إلى قيام الجهاز الأمني بدوره المنشود في حفظ الأمن والنظام في البلاد، وعدم ترك الساحة لمثيري الشغب والبلطجية، إذ من شأن تمديد العمل بقانون الطوارئ أن يضر بحقوق وحريات المواطنين.
ويضيف أن تمديد العمل بذلك القانون يمثل انتهاكًا صارخًا للحقوق والضمانات التي أقرّها الدستور المصري في العديد من مواده، والخاصة بالحرية الشخصية، وبحرمة المساكن ، وبحرية الإقامة والتنقل ، وبحرية الاجتماع .
كما ينتهك ذلك القانون كذلك حرية الرأي والتعبير، ويفرض حظرًا على وسائل الإعلام، ويحد من دورها في التفاعل مع الأحداث ونقلها بشفافية وصدق للجماهير،.
ويشير إلى أن قانون الطوارئ يتيح حرية واسعة للسلطة التنفيذية، في عدم التقيد بالأحوال المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية للقبض على المتهمين، إذ يجوز القبض في الحال على المخالفين للأوامر التي تصدر طبقًا لأحكام قانون الطوارئ والجرائم المحددة في هذه الأوامر، وذلك بالمخالفة لأحكام الدستور والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ويرى أنه يمثل انتهاكًا لحقوق المواطنين المشروعة في الالتجاء إلى قاضيهم الطبيعي إسنادًا إلي الإعلان الدستوري في المادة (8) منه والتي تنص علي ” الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطى” .
كما يمثل انتهاكًا جسيمًا لنص المادة 14 بند 1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية ، والخاصة بأن “الناس جميعا سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون”. كما يمثل انتهاكاً النص المواد 9، 17، 19 الخاصة بالحرية الشخصية، وبأنه “لا يحوز تعريض أي شخص، على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل في خصوصياته أو شئون أسرته أو بيته أو مراسلاته، ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته”.
ويذكر أن المبررات التي استند عليها المجلس العسكري لتمديد قانون الطوارئ والخاصة بمواجهة “أعمال البلطجة والإرهاب” غير مقنعة للرأي العام المصري، إذ ترى الجماهير أن انتشار البلطجية جاء نتيجة لتقاعس الجهاز الأمني عن القيام بدوره، وليس نتيجة لنقص في القانون.
ويخشى المركز من تأثير ذلك القانون السلبي على عملية التحول الديمقراطي التي تشهدها مصر حاليًا، خاصة ونحن مقبلون على انتخابات تشريعية ورئاسية، ويمكن أن يتسبب ذلك القانون في عزوف الجماهير والأحزاب والقوى السياسية عن المشاركة، خوفًا من استخدام ذلك القانون ضدهم، مثلما كان يحدث أيام النظام السابق، عندما كان يتم استخدام قانون الطوارئ ضد مرشحين منتمين لأحزاب المعارضة أو مستقلين ومندوبيهم وأنصارهم ، واعتقالهم خلال المعارك الانتخابية لمجلسي الشعب والشورى .
ويوضح أن قانون الطوارئ كان السبب الرئيسي لتراجع الحياة السياسية في مصر وذلك بسبب استخدامه ضد الإعلاميين والمتظاهرين والأحزاب السياسية، بل وضد المواطنين العاديين.
ولذلك فإن المركز يطالب بضرورة إعادة النظر في القانون، نظراً لآثاره الضارة والخطيرة على حقوق الشعب المصري، ودوره في عرقلة مسيرة التطور الديمقراطي في المجتمع.
كما يناشد كذلك بوقف إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية، وضمان حق كل فرد يعتقل في المثول أمام قاضيه الطبيعي، فضلاً عن ضرورة الإفراج الفوري عن كافة الأفراد المحاكمين أمام تلك المحاكم.
اترك تعليقاً