بيان
ما إن أبلغت واشنطن أنقره بداية الإسبوع المنصرم أنها ستسحب صواريخ الباتريوت الدفاعية من مواقعها على الأراضي التركية قبل اكتوبر المقبل و التي كان من معولا عليها أن تكون الركيزة العسكرية لمنطقة الحظر الجوي التي كان من المزمع إنشاءها و التي تأمل فيها السوريين أن تكون ملاذا أمنا للملايين منهم الفارين من جحيم القصف الجوي الحكومي السوري …… حتى سارع النظام المجرم بدمشق صبيحة اليوم التالي ١٦/ آب لشن هجوم صاروخي فتاك بذخائر فراغية على سوق مكتظ بالمدنيين في دوما الواقعة في الغوطة الشرقية على تخوم دمشق مستعملا الطائرات الميغ ٢٣ التي كانت الحكومة الروسية قد زودته بها قبل أيام فقط من وقوع المجزرة، مما أسفرت عن مصادرة أرواح ما لا يقل عن / ١٢٠ / شهيد بالإضافة لأكثر من / ٢٠٠ / جريح جلهم من النساء و الأطفال و العدد مرشح للزيادة في ظل الحصار و النقص الحاد في الغداء و الدواء.
الطريف بالأمر أنه و على ايقاع الإدانات الدولية حث النظام السوري الخطى نحو حصد مزيد من أرواح السوريين عبر نشر الموت في عموم البلاد فاستهدف ببراميله الغبية و صواريخه الفراغية حرستا و مديرا و عربين و الزبداني و داريا و دوما مجددا و التي صادر فيها بالأمس فقط أرواح أكثر من / ٥٠ / ضحية مجددا و وزع الموت ببراميله المتفجرة على قرى سهل حوران و سهل الغاب و أرجاء واسعة من حلب و حمص و حماه و إدلب و غيرها.
– في اليوم التالي كشفت مصادر إعلامية إيرانية عن مفاوضات أمريكية مع النظام بوساطة عمانية في مسقط و قد تزامن ذلك مع تسريبات صحفية روسية تحدثت عن قدرة النظام السوري العسكرية قمع الثورة السورية فيما لو تمكنت أمريكا من لجم الدور التركي، مما يشير إلى أن سحب صواريخ الباتريوت الأمريكية من المنطقة الحدودية الأمنة التي كان من المتفق إنشاءها على الحدود التركية كان ثمرة المباحثات التي أفضت للهولوكوست الدموي على عموم التراب السوري.
بدورها عبرت الخارجية الأمريكية عن إدانتها للاستخفاف بحياة المدنيين و هددت بالمزيد من الإدانات و الاستنكارات في حال تجدد اقتراف مجازر مشابهة من قبل بشار الأسد ….؟
في حين امتنع هذه المرة الأمين العام للأمم المتحدة عن الشعور بالقلق المعتاد و ترك مهمة القلق لأحد مساعديه هذه المرة….؟
أما روسيا و ايران فقد استغلت الفجيعة لإطلاق ” نكتة الموسم ” و التي تقول أن الأسد رئيس شرعي منتخب و أن شعبيته في تصاعد و أن مصير الأسد يجب أن يقرره الشعب السوري …؟؟؟
إلا انهم لم يوضحوا لنا أي قسم من الشعب السوري يقصدون … اللاجئين بمفاعيل أسلحتهم التي زودوا بها النظام السوري …. أم الذين ماتوا تحت نيران ذخائرهم… أم الذين تحولوا إلى نازحين داخليين مشردين و منكوبين أم الملايين الذين مروا على الاعتقال أم الستمائة ألف مختفي قسري…نريد أن تعرف أي من تلك الشرائح ازدادت في نفوسهم شعبية الأسد الابن…؟
و المريب في الأمر أنه في اليوم التالي للمجزرة عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة و أصدر فيها بيانا مفعما بالعبارات العامة الجزافية المجملة و المريبة جاء فيه :
أعرب مجلس الأمن عن جزعه من تحول الأزمة السورية لأكبر أزمة انسانية طارئة بالعالم … و الغربيب أنه بعد خمس سنوات من الصمود الأسطوري للشعب السوري مازال الأعضاء الخمسة الدائمين العضوية بمجلس الأمن مصرين على النظر لما يحدث في سوريا على أنه أزمة عابرة أو طارئة، و ليست ثورة شعب أراد الحياة و أن السر في صمود هذه الثورة هو مفاعيل الظلم و القهر الحكومي الذي استمر خمسين عاما من حكم الفرد في سوريا.
التزام مجلس الدول الخمسة المسمى زورا و بهتانا مجلس أمن دولي بسيادة سوريا و دول المنطقة المتضررة ….. تخشى المنظمة السورية لحقوق الإنسان من عبارة “ السيادة “ و من أن يكون مفهوم الدول الخمسة للسيادة “ في سوريا و بقية دول الجوار الاسرائيلي “ متناغم و متطابق مع مفهوم النظام السوري للسيادة و الذي لا يخرج عن حقه الشرعي في إبادة شعبه في سبيل استمرار احتكاره للسلطة و للعلم هناك خشية حقيقية أن يكون مصدر هذه العبارة في البيان اشتراط من النظام السوري مع شركائه في الجريمة في إطار مباحثات سرية…؟
شدد البيان على أن الحل الدائم و الوحيد للأزمة السورية هو من خلال عملية سياسية جامعة بقيادة سورية، و لعل ما تخشاه المنظمة السورية لحقوق الإنسان أن يكون مفهوم القيادة السورية معطوف على مفهوم السيادة السورية ” من وجهة نظر الطغيان الأسدي ” و بمثل هذه الحالة فإن عبارة بقيادة سورية لا تعني سوى المجرم الدولي بشار الأسد بنظامه الارهابي و ترسانة قوانينه القمعية….؟
طالب جميع الأطراف بالكف عن إيذاء المدنيين و الاستخدام العشوائي للأسلحة و الإفراج الفوري عن المحتجزين بشكل تعسفي ….. و هنا يبدوا واضحا طمس المسافة ما بين الجلاد و الضحية و كأن البراميل المتفجرة العشوائية الهدف و الصواريخ الفراغية و الكيماوية و الحرارية الموجهة التي تستهدف المدنيين و التي تستهدف أماكن تجمعهم كالأفران و المدارس و الملاجئ و المشافي الميدانية و الأسواق الشعبية هي صنيعة المجموعات المعارضة و ليست من قباحات النظام المجرم بدمشق…؟
نطالب في المنظمة السورية لحقوق الإنسان جميع الأطراف بالكف عن ايذاء المدنيين لكننا و احتراما منا لعقول الناس نقول : إن الاستخدام العشوائي للسلاح من قبل مجموعات المعارضة المسلحة في سوريا لا يقارن بما يقترفه النظام المجرم من استخدام لسلاح عشوائي موجه لأهداف مدنية بطبيعتها وهذه حقيقة أكدت عليها لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا مراراً قبل تسيسها من قبل مجموعة الدول الخمسة الدائمة العضوية بمجلس الأمن .
أكد مجلس الأمن أن مسؤولية حماية المدنيين تقع على عاتق الحكومة السورية التي تقصف شعبها بالبراميل المتفجرة و التي دمرت ٧٥٪ من البنية التحتية للبلاد و هجرت أغلبية السكان، في حين تعامى البيان كلياً عن مبدأ مسؤولية الحماية الدولية المقرر بموجب قرار الجمعية العمومية لعام ٢٠٠٥ و الذي يقوم على مسؤولية و واجب المجتمع الدولي بالتدخل و بقوة السلاح إذا كانت الدولة لا تستطيع أو لا تريد حماية مواطنيها فكيف بنا و الحكومة نفسها هي من تقوم بأعمال الإبادة بحق شعبها.
و لله و التاريخ نقول : أن الجمعية العامة حيمنا أقرت هذا المبدأ و الذي طبق بحذافيره بقرار مجلس الأمن رقم ١٩٧٣ الصادر في آذار ٢٠١١ مع ليبيا حيمنا أجاز لأمريكا و بريطانيا و فرنسا و كندا استخدام القوة الجوية لتدمير سلاح الجو الليبي حماية للشعب الليبي لم تفرق ما بين نوعين من الأنظمة
الأول هم دول الجوار الإسرائيلي ” النظام السوري ” و التي يحرم شعبها بأوامر عليا من تل أبيب من حق امتلاك الصواريخ المحمولة على الكتف القادرة على مواجهة براميل الأسد و صواريخه الفراغية.
القسم الثاني هي الدول التي لا تجمعها حدود مشتركة مع اسرائيل من جهة و غير مرضي عنها صهيونيا من جهة أخرى ” ليبيا و العراق مثالا ” و التي تنطبق عليها القواعد العامة المتعلقة بمبدأ الحماية وبالتالي تقوم الدول العظمى بنفسها بتدمير ترسانة سلاحها الجوي بدون قرار من مجلس الأمن كي لا يقصف النظام شعبه بالطائرات …… الفرق بينها شاسع و كبير كما هو واضح و على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تعيد صياغة النص بما يتفق مع المعطيات على الأرض لأن مجلس الدول الخمسة لن يطبق مبدأ الحماية إلا بشروط أن لا تكون الدول من دول الجوار الاسرائيلي و أن يكون نظامها غير مقبول من تل أبيب.
أعرب مجلس الأمن الدولي عن قلقه إزاء سيطرت جماعات مثل تنظيم الدولة أو جبهة النصرة على أجزاء من سوريا و أدان الأعمال الإرهابية التي ترتكبها تلك الجماعات و استهداف المدنيين على أساس أصلهم العرقي أو انتمائهم الطائفي…
المنظمة السورية لحقوق الإنسان إذ تشارك مجلس الدول الخمسة هذه الإدانة للأعمال الإرهابية التي ترتكبها الجماعات الأصولية المتطرفة بحق الأقليات ” إن وجدت ” فإنها تطرح السؤال التالي: ألم يستوجب استهداف الأكثرية السنية في سوريا على مدى خمسين سنة من قبل النظام المجرم بدمشق على اساس عرقي و طائفي القلق من مجلس الأمن الدولي… أم لم يستوجب استهداف أماكن تجمعهم و مئات الالاف منهم الذين قتلوا بالتعذيب في المعتقلات و تشريد أكثر من نصف السكان و مصادرة أملاكهم و أرزاقهم القلق من مجلس الخمسة الكبارأم أن قلقهم فيما يتعلق بموضوع الاستهداف الجماعي على اساس عرقي أو طائفي يقتصر فقط على الأقليات و لا يشمل الأغلبية ….؟
و لعل أهم ما أثار قلقنا في بيان مجلس الدول الخمسة هو الحديث عن مسمى جديد هو “خطة سلام جديدة تتعلق بالنزاع في سوريا ” ….. فما هي قصة خطة السلام الجديدة …؟
و التي مهد لها ستيفان ديمستورا المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا بتصريح جاء فيه:
أنه التقى ما يقارب مئتي ناشط سوري ” إختارهم من عندياته طبعاً بصفتهم ممثلين حصريين عن المجتمع المدني السوري ” و للعلم فإن بعضهم معروفين بوصفهم مرتزقة حقوق الإنسان و أصحاب دكاكين و بعضهم معروفين بوصفهم عملاء للنظام السوري المجرم في حين أن البعض منهم غير معروفين لأحد أما اصحاب الفضل منهم فهم نادرين.
و بحسب ما أدلى به ديمستورا فإن الجميع أكدوا له أن مشكلتهم ليست مع الأسد و إنما مع مجموعات المعارضة المسلحة و على رأسها تنظيم الدولة و النصرة ….؟
أعداد قليلة منهم لم يتجاوزوا العشرة كانوا قد كذبوا ديمستورا فيما أدلى به، في حين لاذى الاخرين بالصمت المريب. ..!
وسط هذه الأجواء يحث النظام المجرم الخطى في سياسة الأرض المحروقة و التغيير الديمغرافي لمناطق بأكملها و على رأسها الريف الدمشقي لاسيما الزبداني و النبك و الغوطة بعد أن انتهى من تقسيم حمص و ترك للمليشيات الكردية المسلحة مهمة التطهير العرقي في الحسكة.
تحذر المنظمة السورية لحقوق الإنسان مما يسمى جنيف ٣ أو خطة ” جديدة ” للسلام و التي من الواضح الفاضح أنها ستكون مفاوضات مباشرة ما بين النظام السوري بأبواقه الرخيصة و ما يسمى معارضة ديمستورا المدفوعة الاجر سلفاً.
و المريب أن ديمستورا كان قد مهد لجنيف ٣ من خلال الحديث عن أربع لجان ينتقيها بنفسه يشارك بها ممثلين من معارضته المخصبة و المحسنة مع ممثلي النظام المجرم و التي من المفترض أن تنتهي بأحد سيناريوهين :
الأول : خطة طويلة الأجل تنتهي بإعادة إنتاج نظام المجرم بشار الاسد بصورة ” موديرن ” و مكافئته على جرائمه التي اقترفها بحق الشعب السوري بإبقاءه في سدة الحكم و فتح المنافذ أمامه للتنصل من مسؤولية جرائمه التي اقترفها بحق الشعب السوري اليتيم .
الثاني : تقسيم سوريا إلى دويلات متناحرة فاشلة و هو ما تعمل عليه الصهيونية العالمية حالياً
كلا السيناريوهين: سيطيح بكل ما سبق و تم الاتفاق عليه في جنيف ١ لعام ٢٠١٢ من إقامة هيئة حكم انتقالي يتم اختيار أفرادها برضا المعارضة و النظام تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية و الحكومة و الأجهزة الأمنية و الجيش و تقوم الهيئة بإعداد دستور عصري للبلاد و تطهيرها من ترسانة القوانين القمعية و تستبدلها بقوانين عصرية قابلة للحياة تصلح بموجبها مؤسـسات الدولة و تهيء البلاد للخروج من كبوتها من خلال انتخابات رئاسية و برلمانية تأتي بعد مدة انتقالية ” سنتين ” تقوم فيها الهيئة بكل تلك الإصلاحات.
مع الأسف و على مرأي العالم و سمعه ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن نظام الأسد الوراثي غير قابل للإصلاح لأنه يعتاش على أجواء الاستنقاع السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي و الحياتي و الثقافي بما يهيء الأجواء كي يجتر نفسه على الدوام و ينتج ذاته بألوان و براقع مختلفة لذلك عمل على إفشال المفاوضات و إفراغها من محتواها و هو يعمل حاليا على أي من السيناريوهين المشبوهين الملمح لهما.
بعد أن أطاح بجنيف ١ و ٢ من خلال التواري خلف “ فرية الإرهاب ” كسلوك هروبي من استحقاق تشكيل هيئة الحكم الانتقالي بصلاحيات كاملة بعيدا عن بشار الأسد ساعده على ذلك مجلس الدول الخمسة الراعية لإرهابه و التي لم تضمن للمتفاوضين جدول زمني واجب الاحترام و لا آليات واضحة لإلزام الطرفين على إحترام الهدف من المؤتمر ألا وهو تشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة .
لقد أثبتت التجارب أنه لا حل سياسي مع الأسد لأنه عرف السلطة منذ كان عمره خمس سنوات بفضل دعم الغرب لفاشية أبوه الطاغية حافظ الأسد على مدى خمسين عاما.
و للعلم فإن أمثال بشار الأسد بالتاريخ إما أن يحكموا بالحديد و النار و على جماجم الناس أو يموتوا دون ذلك… في حين أن الحل السياسي ممكن و متاح مع فصائل المعارضة المسلحة بعد اسقاط النظام و هو ما لا تريد الدول العظمى الاعتراف به خوفاً على اسرائيل و ليذهب السوريين إلى الجحيم.
تصر المنظمة السورية لحقوق الإنسان على موقفها من مجلس الدول الخمسة المسمى زورا و بهتانا مجلس الأمن الدولي و تؤكد أنه مصدر الشر في هذا العالم و السبب في ألام و عذابات الشعوب المقهورة و أنه لا بد من تحالف دولي لإصلاح حركة التاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية و ذلك بتعديل ميثاق الأمم المتحدة لإزالة كلمة ” متفقين ” من الفقرة الثالثة من السطر الثاني من المادة / ٢٧ / من ميثاق الأمم المتحدة و التي كانت سبب في شقاء البشرية على مدى أكثر من سبعين عاماً و بهذا تسير الإنسانية خطوة للأمام على طريق التحضر و المدنية.
تبشر المنظمة السورية لحقوق الإنسان الدول الخمسة و من خلفهم الدولة العبرية أن الثورة السورية ماضية لتحقيق أهدافها و ستنتصر في نهاية المطاف إرادة الشعب السوري بالحرية شاء من شاء و أبى من أبى و أن الثمن الغالي الذي يدفعه السوريين من دماء أبناءهم لن يضيع هدرا كما يخطط أشرار الأرض مهما طال الزمن و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
دمشق ٢١/٨/٢٠١٥ مجلس الإدارة