المنظمة السـورية لحقوق الإنســـان
” سـواسـية “
المادة 24
1- رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به “الأمم المتحدة” سريعا فعالا، يعهد أعضاء تلك الهيئة إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم والأمن الدولي ويوافقون على أن هذا المجلس يعمل نائبا عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه التبعات.
2.- يعمل مجلس الأمن، في أداء هذه الواجبات وفقا لمقاصد “الأمم المتحدة” ومبادئها والسلطات الخاصة المخولة لمجلس الأمن لتمكينه من القيام بهذه الواجبات مبينة في الفصول السادس والسابع والثامن والثاني عشر.
- – يرفع مجلس الأمن تقارير سنوية، وأخرى خاصة، إذا اقتضت الحال إلى الجمعية العامة لتنظر فيها.
في ظل الإنهيار الدراماتيكي في النظام العالمي بعد الانفلات الروسي من عقاله و العدوان العسكري على الشعب السوري و الاوكراني هناك سؤال مرجعي يطرح نفسه بإلحاح.
هل الوجود الروسي في مجلس الأمن الدولي شرعي ….؟
بالعودة لميثاق الأمم المتحدة المادة / 23 / تنص على أن الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الدولي هم الصين و فرنسا و إتحاد الجمهوريات السوفياتية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية .
روسيا لم يرد ذكرها في هذه المادة التي عددت الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الدولي ، و النص واضح و ثابت غير قابل للتحريف أو التأويل أو لوي العنق فهو قطعي الدلالة بما جاء فيه.
لكن الإتحاد السوفيتي (انقرض) من خارطة العالم و تبعثر اشلاءاً و لم يعد له وجود مادي، وعلى فرض أن هناك رغبة بنقل مقعد الإتحاد السوفيتي السابق إلى ” روسيا ” باعتبارها إحدى الدول الناشئة عن تمزقه، و على فرض أن هذه الرغبة كانت مشروعة لسبب أو لآخر فمن المفترض
” وجوباً لا جوازاً ” أن يتم تعديل نص المادة / 23 / من الميثاق بحيث نستبدل دولة اتحاد الجمهوريات السوفيتية بروسيا…. أليس كذلك
لكن لتعديل الميثاق لا بد من إعمال المادتين / 108 – 109 / والتي نصت : أنه لتعديل أي مادة من الميثاق يجب انعقاد مؤتمر عام لأعضاء الأمم المتحدة جميعا ” لإعادة النظر في الميثاق بعد تحديد المكان وأقرب موعد لانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة و التعديل يجب أن يكون بأغلبية الثلثين..؟
و بالعودة إلى السوابق القانونية في هذا المجال وجدت أنها تسير على ذات المنوال حينما اعتمدت الجمعية العامة التعديلات التي أدخلت على المواد 23-27-61 بتاريخ 17/2/1963 وكذلك التعديلات التي أجريت على المادة / 109 / والتي أصبحت نافذة في 12/6/1968.
فما الذي حدث في موضوع توريث روسيا مقعد الاتحاد السوفيتي المنقرض في مجلس الأمن الدولي عام 1991 لماذا لم يتم دعوة الجمعية العامة للتصويت ولماذا لم يتم تعديل المادة / 23 / حتى الآن ولماذا مازال الاتحاد السوفيتي وارداً بالميثاق بصفته عضو دائم …؟
بالعودة لما جرى في ذلك العام بعد تفكك الاتحاد السوفيتي تم التوقيع على بروتوكول ” ألما أتا ” من قبل بعض جمهوريات الاتحاد السوفيتي معلناً نهايته و الموافقة على أن تتولى روسيا مقعد الاتحاد السوفيتي و كتبت روسيا للأمم المتحدة رسالة تطلب تعديل المادة / 23 / بحيث تستبدل روسيا بالإتحاد السوفيتي و ألا يتغير شيء.!
لكن خبراء القانون الدولي في ذلك الوقت شككوا بشرعية الإجراء المخالف لصريح نص المادة
/ 24 / من الميثاق التي جاء فيها : رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به الأمم المتحدة سريعاً فعالاً يعهد أعضاء الهيئة ” الجمعية العامة ” إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم والأمن الدوليين و يوافقون على أن هذا المجلس يعمل نائباًً عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه التتبعات و على مجلس الأمن أن يعمل وفقاً لمقاصد الأمم المتحدة و مبادئها و عليه أن يرفع تقارير بذلك للجمعية العامة للأمم المتحدة ….؟
*إذا العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي ليست حق مكتسب للعضو الدائم.
- العضوية بمجلس الأمن نيابة و تخويل و توكيل من قبل الجمعية العامة لأعضاء مجلس الأمن.
*على العضو الدائم ” النائب أو الوكيل” أن يتقيد بحدود الوكالة و المتمثلة بالعمل وفقاً لمقاصد الأمم المتحدة و أن لا يخرج عن حدود التفويض الممنوح له. - الجمعية العامة هي السلطة العليا التي على مجلس الأمن أن يرفع إليها التقارير.
إذاً : نحن هنا أمام مركزين قانونيين مختلفين تماماً ولكل منهما آثاره القانونية :
فإما : أن نأخذ بالمادة / 24 / من الميثاق والذي بموجبه العضوية الدائمة في مجلس الأمن نيابة و تفويض تعهد بموجبه الجمعية العامة للأعضاء الخمسة أداء التتبعات الرئيسية لحفظ السلم والأمن الدوليين و في هذه الحالة فلا يجوز للنائب او للوكيل أو المفوض الخروج عن حدود التفويض و بالتالي يمكن عزله إذا تجاوز حدود ما فوض به أو خالف مقاصد الأمم المتحدة وإلا فما فائدة تقديم التقارير للجمعية العامة في هذه الحالة العضوية الدائمة بمجلس الأمن …. مسؤولية و التزام.
أو : أن نأخذ بالنظرية الروسية و التي تعتبر العضوية الدائمة حق عيني أصلي أو تبعي مكتسب للعضو الدائم و بالتالي تقع عليها جميع آثار الحقوق العينية أي أنها تنتقل بالإرث كما حدث سابقاً و الحق الذي ينتقل بالإرث ممكن أن ينتقل بكافة وسائل إنتقال الملكية كالبيع أو الرهن أو غيرها و يمكن لصاحب الحق المغتصب أو المكتسب عنوة أن يقوم بأعمال التصرف أو الإدارة ” الإيجارة ” مثلا و في هذه الحالة العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي إثراء بلا سبب.
اليوم العضوية بمجلس الأمن الدولي ” إثراء بلا سبب ” بدليل ما حدث حينما شحن الرئيس الروسي نظيره السوري بشار الأسد إلى موسكو منفرداً بطائرة شحن عام 2015 حيث تخلي الأخير عن أرصدة مصرفية بقيمة / 45 / مليار دولار لإبنة الرئيس الروسي في مقابل / 15 / فيتو بمجلس الأمن بالإضافة لضمان استمراره بالسلطة عنوة والعقاب الجماعي للشعب السوري إما بوضعه تحت الخيام بقية عمره أو حصار و تجويع من لم يتمكن من الهرب ….و نلاحظ هنا أن الرئيس الروسي قام بعمل من أعمال الإدارة لحقه المكتسب في مجلس الأمن الدولي.
مشكلتنا أن الأعم الأغلب من خبراء القانون الدولي المسموعي الصوت الذي تخصص لهم و لجامعاتهم و مراكز أبحاثهم المساحات الإعلامية و ترهف الآذان لسماع أصواتهم و يفرش السجاد الأحمر أمامهم هم إما أمريكان أو إنجليز أو فرنسين ولا مصلحة لأي منهم بالخيار الأول و من الصعب أن يتحلى أي منهم بالنزاهة الفكرية و الأمانة العلمية أو سعة الصدر الأكاديمية التي تجعله يقبل أن يقال له أن عضوية بلادكم في مجلس الأمن الدولي”مسؤولية و ليست إمتياز” و أنه من المفروض عليها أن تعمل وفقاً لمقاصد الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين و أنه يمكن للجمعية العامة أن تنهي التفويض إذا خرجت دولتكم عن حدود ما فوضت به.
هم يفضلون في قرارة أنفسهم أن يقنعوا أنفسهم و من ثم يحاولوا إقناع العالم من حولهم أنهم موجودين في مجلس الأمن بمفاعيل مكانتهم الحضارية التي يستحقونها لسبب أو لآخر أو في أسوء الأحوال بحكم ترسانة أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها دولهم و تهدد بها شعوب الأرض و يمنعونها عن الآخرين وإن كانوا يخجلون من التصريح بذلك علناً لاعتبارات أخلاقية أو أكاديمية.
لذلك التزموا الصمت المريب و لفرض الأمر الواقع تمسكوا برأي فقهي متناقض و مهلهل للسفير الروسي السابق في بريطانيا ألكسندر فلاديميروفيتش باكوفينكو جاء فيه: إن الدولة الخلف و يقصد روسيا هي دولة جديدة تشكلت من تفكك الدولة السابقة و يقصد ” الاتحاد السوفيتي ” و ليس لها حقوق أو التزامات مستمرة و يجب إعادة التفاوض على جميع الحقوق و الإلتزامات التي كانت للدولة السلف …… إلى هنا كلام معقول و مقبول …. لكنه أردف :
ومع ذلك فإن الدولة المستمرة هي الجزء الأكبر بعد إنفصال جزء صغير منها، إنها تحافظ على الحقوق و الإلتزامات السابقة للبلد القديم بما في ذلك العضوية بالمنظمات الدولية والسفارات و بالتالي فإن روسيا دولة مستمرة و ليست خلف….؟
لا أعرف كيف تكون خلف حيناً و مستمرة حيناً آخر… يبدوا بحسب المصلحة بمعنى فيما يتعلق بالديون التي كانت على الدولة المنقرضة فإن روسيا خلف و فيما يتعلق بالمميزات فهي مستمرة…؟
ثم كيف لرأي فقهي لدبلوماسي متقاعد أن يخالف صريح النص القانوني الملزم والثابت بالمادة/ 24 / من ميثاق الأمم المتحدة و كيف عاشت البشرية منذ عام 1991 و حتى الآن مع مجلس أمن دولي عضود بدون شرعية سواءاً من حيث تركيبته أو من حيث قراراته .
للإجابة على هذا السؤال نجيل الطرف شرقاً نحو مخيمات اللجوء السوري التي تضم بين حناياها أكثر من نصف السكان المحليين بتهمة الإرهاب الروسية، جيل من الأطفال نشؤوا و عاشوا على مدى 11 سنة بدون تعليم حفاظاً على بشار الأسد و زمرته، و إذا أجلنا الطرف غرباً ستجد الآلة الدموية الروسية الجارفة تجتاح أوكرانيا و تكنس في طريقها ملايين اللاجئين إلى أوروبا تمهيداً لمصير مجهول لن يكون بالتأكيد بقتامة مصير الشعب اليتيم في سوريا لأن العيون الزرق تشفع لأصحابها عند دهاقنة مجتمع الغاب الدولي و من قبل أوكرانيا كانت جورجيا و من قبلها أحرق الروس كروزني و لا يعلم إلا الله من هو التالي مادامت العضوية في مجلس الأمن الدولي حق مغتصب وليست تفويضا و تخويلا.
المحامي مهند الحسني
رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان ” سواسية”