و في رسالة واضحة للشعب السوري مفادها : أن المجتمع الدولي متواطئ ضدكم و العدالة الدولية التي تنشدونها ما هي إلا وهم و خيال و النظام القائم في دمشق مفروض عليكم شئتم أم أبيتم و ما يجري في مجلس الأمن الدولي ليس أكثر من مسرحة هزلية يتمّ فيها توزيع الأدوار بين من يعطون من طرف اللسان حلاوة و بين من اختار أن يلعب دور منديل القذارة للمجتمع الدولي فقد استفاد النظام السوري من الساعات القليلة المتبقية على اجتماع مجلس الأمن صبيحة أمس 4/2/2012 في شن حملة إبادة جماعية مستخدماً المدفعية الثقيلة و الدبابات استهدف فيها و بشكل جماعي بعض الأحياء السكنية في حمص و التي راح ضحيتها أكثر من / 300 / ضحية إضافة لما يقارب من ألف مصاب…….لطفاً
و قد تزامن ذلك مع ذكرى مجزرة محافظة حماه عام 1982 و التي اقترفها (الأسد الأب) و نفذها بمختلف صنوف الأسلحة ( الأسد العم ) و التي راح ضحيتها أكثر من أربعين ألف ضحية وفقاً لمعظم الترجيحات .
و في اليوم التالي و بعد استخدام روسيا و الصين لحق النقض ” الفيتو ” لإبطال قرار كانت قد تقدمت به جامعة الدول العربية و دعمته الغالبية العظمى من أعضاء مجلس الأمن الدولي وجد النظام السوري أن الطريق ممهد أمام آلته العسكرية ليقترف أكبر قدر ممكن من جرائم الإبادة بحق المدنين فاستمر القصف العشوائي و سقط أكثر من / 73 / ضحية في حمص وحدها، إضافة لأكثر من عشر ضحايا في الزبداني وحدها و أكثر من سبعين جريح هذا عدا عن العقوبات الجماعية و الترويع و القتل و الاعتقال في العديد من المدن السورية و مازالت آلة الحرب تحصد أرواح الأبرياء في معظم المناطق.
في ظل هذا الواقع الدولي فإن :
المنظمة السورية لحقوق الإنسان ” سواسية ” تناشد شعوب الأرض قاطبة و أحرار العالم أجمع و أصحاب الضمائر و الوجدان أينما وجدوا للمطالبة بتحالف دولي من منظمات و هيئات و مؤسـسات مجتمع مدني إضافة لأفراد و الشخصيات العامة و الأحزاب السياسية و غيرها بهدف الضغط على حكوماتهم للمطالبة بعقد مؤتمر دولي عام لأعضاء الأمم المتحدة لإعادة النظر في ميثاق الأمم المتحدة بعد تحديد المكان و أقرب موعد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية الثلثين تبعاً لنص المادة / 199 / من الميثاق لتعديل المادة / 27 / المتعلقة بالتصويت و التي باتت مثار اشمئزاز من قبل الجميع لحذف كلمة ” متفقين ” من الفقرة الثالثة من المادة المذكورة لأن هذه الكلمة باتت تقف حجر عثرة في وجه تحقيق هيئة الأمم المتحدة لأهدافها التي أخذتها على عاتقها……… ذلك أن المادة / 27 / من الميثاق تنص على أنه:
1. يكون لكل عضو من أعضاء مجلس الأمن صوت واحد.
2. تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الإجرائية بموافقة تسعة من أعضائه.
3. تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الأخرى كافة بموافقة أصوات تسعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة، بشرط أنه في القرارات المتخذة تطبيقاً لأحكام الفصل السادس والفقرة 3 من المادة 52 يمتنع من كان طرفاً في النزاع عن التصويت.
أولاً : الشرط التمييزي المنافي للشرعة الدولية و المنظومة الكونية لحقوق الإنسان اختص الأعضاء الدائمين الخمسة بهذا الوضع الاستثنائي قبل سبع و ستين سنة لأسباب و مبررات كانت موجودة في تلك الحقبة الزمنية.
أما اليوم فقد بات هذا الشرط التمييزي مهدداً للسلم و الأمن الدوليين و مقوضاً للثقة بهذه الآلية الدولية التي باتت مصداقيتها محل شك و ريبة .
ففي أعقاب الحرب العالمية الثانية خط المنتصر الشرعية و العدالة الدولية بيده و بطريقته مميزاً نفسه بعنجهية و عجرفة المتسلط من خلال نص المادة / 23 / التي نصت على أن :
1. يتألف مجلس الأمن من خمسة عشر عضواً من الأمم المتحدة، وتكون جمهورية الصين، وفرنسا، واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، والولايات المتحدة الأمريكية أعضاء دائمين فيه. وتنتخب الجمعية العامة عشرة أعضاء آخرين من الأمم المتحدة ليكونوا أعضاء غير دائمين في المجلس. ويراعى في ذلك بوجه خاص وقبل كل شيء مساهمة أعضاء الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدولي وفي مقاصد الهيئة الأخرى، كما يراعى أيضاً التوزيع الجغرافي العادل.
فأي سلم و أي أمن دولي و الأعضاء الأربعة الدائمي العضوية ينتمون لدول الشمال الغني ” أوربا و أمريكا ” و للعرق الأبيض تحديداً في حين أن قارات بأكملها و الأعم الأغلب من شعوب الأرض محرومة من التمثيل في المجلس و لولا عنصر الخجل لما استحضرت الصين إلى جانب ما كان يعرف في ذلك الوقت بالإتحاد السوفيتي في محاولة لسد الثغرة الأخلاقية التي مازالت تصفر فيها الرياح حتى بوجود الأعضاء العشرة الآخرين المنتخبين في مجلس الأمن ما دام الشرط التمييزي الواقف و القائم في الفقرة الثالثة من المادة / 27 / قائماً و التي تعطي الحق لأي من الأعضاء الخمسة الدائمي العضوية بتقويض أي قرار لا يروق لهم.
رغم ذلك فقد كان من الممكن في ذلك العصر تبرير التمييز للدول الخمسة بوجود الحرب الباردة و القطبية الثنائية و احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة – حرب ذرية – لا تبقي و لا تذر.
لذلك اشتراط الاتفاق المسبق ما بين ما كان يعرف في ذلك الوقت القطبين” الرأسمالي و الشيوعي ” أو الأمريكان و السوفيت الاتفاق المسبق بينهما على أي قرار دولي يهدف لتحقيق أهداف المنظمة الدولية في الحفاظ على السلم و الأمن الدوليين و تحقيق التنمية المستدامة كصمام أمان لوجود خلاف عقائدي ايديولوجي سياسي ضخم بينهما لا يمكن رأبه.
أما الآن و بعد / 67 / عام على صدور الميثاق فقد تغيرت الأيام و الأوهام و سقط الاتحاد السوفيتي و الدول التي تمخضت عنه بما فيها روسيا التي تمر حالياً بمرحلة ” المافيا السياسية “ في طريقها لاقتصاد السوق وبالتالي فقد انتهى عصر القطبية الثنائية التي كانت تضع في كفتي الميزان داخل مجلس الأمن أمريكا و فرنسا و بريطانيا في كفة و الصين و الاتحاد السوفيتي في الكفة الأخرى إلى غير رجعة .
و بالتالي انتهت العلة أو السبب الذي من أجله شرع هذا الوضع الاستثنائي الشاذ القائم أصلاً على التمييز و الذي بات العالم يذعن له بحكم الهيمنة و الاستبداد القائم على الأمر الواقع.
ثانياً : بالرجوع للمادة / 23 / من الميثاق عددت الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن و حددتهم على أنهم الصين و فرنسا و اتحاد الجمهوريات السوفيتية و المملكة المتحدة و الولايات المتحدة.
إن هذا النص لا يجوز القياس عليه أو تحريفه أو تفسيره من عنديات الدول الدائمة العضوية أو غيرها من الدول لأنه حدد الدول الدائمة العضوية تحديداً دقيقاً و التي لا وجود لروسيا بينها.
و في حال وجود رغبة من الدول الدائمي العضوية بنقل المقعد الدائم من الاتحاد السوفيتي السابق لما يعرف بروسيا الحالية فمن المفترض لزوماً تعديل النص وفقاً لما نصت عليه المادة / 199 / من الميثاق و ذلك بعقد مؤتمر عام لأعضاء الأمم المتحدة لإعادة النظر في الميثاق بعد تحديد المكان و أقرب موعد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية الثلثين كما حدث حينما اعتمدت الجمعية العامة في 17 كانون الأول/ديسمبر 1963 التعديلات التي أدخلت على المواد 23 و 27 و 61 من الميثاق، والتي أصبحت نافذة في 31 آب/أغسطس 1965. كما اعتمدت الجمعية العامة في 20 كانون الأول/ديسمبر 1965 التعديلات التي أدخلت على المادة 109 وأصبحت نافذة في 12 حزيران/يونيه 1968.
ثالثاً : لا يجوز لأي منظومة تمخضت عن الاتحاد السوفيتي السابق ” روسيا ” أن تستفرد بتركته و مقعده الدائم بمجلس الأمن بدون تعديل للمادة / 23 / من الميثاق التي حددت الدول الخمسة الدائمة العضوية و بالطرق المقررة في المادة / 199 / من الميثاق و إلا فنحن أمام عمل من أعمال البلطجة الدولية تمّ بموجبه استيلاء غير شرعي على ميزة وجدت لغاية في فترة زمنية و انتهت العلة من وجودها وإن الإذعان لهذه البلطجة و التعامل معها وفقاً لسياسة الأمر الواقع هو خروج عن الشرعية و القانون و هو يحرف الشرعية الدولية و من خلفها منظمة الأمم المتحدة ككل عن الغاية التي وجدت لأجلها و يحولها لملفى للدول المارقة لتكريس أوضاع تميزية جشعة على حساب الشعوب و حقها في العيش الكريم .
رابعاً : إن توريث الصفة التمييزية ” الفيتو ” القائمة في الفقرة الثالثة من المادة / 27 / من الميثاق لروسيا التي تمر حالياً بمرحلة ” المافيا السياسية ” في طريقها لاقتصاد السوق يحول هذه الصفة لسلعة يمكن تملكها و اكتسابها بإحدى وسائل كسب الملكية كالإرث أو البيع أو الآجار أو غيرها……و هذا غير لائق قانونياً ، عدا عن أنه مدان أخلاقياً
خامسأ : لقد أصبحت عبارة ” متفقين ” الواردة في نهاية الفقرة الثالثة من المادة / 27/ من ميثاق الأمم المتحدة على أرض الواقع العملي شرطاً إرتدادياً يحول دون تحقيق هيئة الأمم المتحدة للغايات التي شرعت لأجلها و هذه حقيقة ماثلة للعيان لا يستطيع أحد إنكارها وقد تجلى تطبيقها العملي مرات عديدة على مرأى العالم و مسمعه و كان آخر فصولها التصويت الأخير الذي تمّ بتاريخ 4/2/2012.
و فيما لو تمّ الحفاظ على كلمة ” متفقين “ رغم انتهاء العلة التي وجدت لأجلها فستتحول هيئة الأمم المتحدة إلى سوق نخاسة لتكريس العبودية و سيستفحل العفن السياسي على مساراتها و سيصبح الباب الخلفي المتمثل في الصفقات المشبوهة و الاتفاقيات غير المعلنة هي الأساس.
و الشعوب المستضعفة هي من سيدفع الثمن في مثل هذه الحالة كما هو الحال بالنسبة للشعب السوري بدمائه الرخيصة اليوم على سبيل المثال لا الحصر.
إننا على يقين أنه لو كان بين الآلاف المؤلفة من السوريين الذين يموتون و يعذبون و تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف ضحية واحدة من ذوي الدم الغالي لقامت الدنيا و لم تقعد لكنها هيئة الأمم المتحدة بتركيبتها الحالية التي قسمت الشعوب ما بين أسياد و عبيد و تركت مجالاً لتحكم ا لبعض في رقاب البعض الآخر لإبقائهم على تخلفهم و جهلهم خاضعين لأشنع أشكال الاستبداد و الطغيان.
سادساً : في مثل هذه الحالة ماذا سيتبقى للأهداف المعلنة للأمم المتحدة الواردة في ديباجيتها و التي جاء فيها :
نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا – عام 1945
أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف،
وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية،
وأن نبيّن الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي،
وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قدماً، وأن نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح.
فماذا تبقى في ظل الآلية الحالية للتصويت في مجلس الأمن لكرامة الإنسان و قدره و ممارسته لحقوقه الأساسية …..و ماذا تبقى للعدالة و احترام الشرعة الدولية لحقوق الإنسان و أجواء الراحة و الرقي الاجتماعي و الاقتصادي المنصوص عنها في الميثاق….؟؟
إن ما يحدث اليوم بفضل كلمة ” متفقين ” الملمح إليها سابقاً هو إسبال مظلة المشروعية الدولية على الظلم و القهر و جرائم الإبادة الجماعية و قصف المدنيين و فرض بعض الأنظمة الحاكمة المستبدة عنوة على الشعوب المستضعفة رغماً عنها و هو ما يضرب بأهداف هيئة الأمم المتحدة و يحرفها عن الغاية التي وجدت لأجلها و يحولها لأداة لسلب الحقوق الأساسية للإنسان و امتهان كرامته و تكريس العنصرية و التمييز من خلال الدفاع عن الامتيازات الفئوية للطبقة الحاكمة المستفيدة .
سابعاً : الميثاق بصيغته الحالية يتنافى مع المواثيق و العهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان لا سيما الإعلان العالمي و العهود الدولية الأخرى التي أكدت على المساواة بين بني البشر دون إعتبار للفروق و حقهم بالحياة و حظر التعذيب و العقوبات الماسة بالكرامة و الحماية المتكافئة و الإنصاف من الاعتداء أو التدخل التعسفي بالحياة….
و ما لم يعدل الخلل الوارد في الميثاق فسيبقى مداراً للشبهات و موئلاً للظلم و الانحطاط في مستوى الحياة في جو من القمع و الإحباط و القنوت و انسداد الأفق التي تسبب بين الحين و الآخر هزة هنا أو زلزالاً هناك.
ما و إلا فتستطيع أي عصابة خارجة عن القانون أن تستولي على نظام الحكم في أي بلد بالقوة و البطش و استباحة الدم من جهة و شراء الذمم و النفوذ لأي دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن خاصة بوجود أعضاء دائمين يعيثون فساداً في ظل مراحل انتقالية يصبح معها كل شيء لديهم قابلاً للبيع و الشراء و التفاوض بما في ذلك الضمائر و الوجدان و خاصة إذا كانت تلك الدول تملك سجلاً شائناً بحقوق الإنسان.
ثامناً : عبارة ” متفقين ” الملمح إليها و التي نطالب بحذفها تعصف بجميع ما ورد لاحقاً بميثاق الأمم المتحدة.
ذلك أن الميثاق وضع ضوابط و معايير محددة في التعامل مع مهددات الأمن و السلم الدوليين أو وقوع العدوان نص عليها على سبيل الإلزام .
فالمادة / 34 / أعطت الحق لمجلس الأمن أن يفحص أي نزاع أو أي موقف قد يؤدي إلى احتكاك دولي أو قد يثير نزاعا لكي يقرر ما إذا كان استمرار هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي وفقاً لما ورد في البند السابع من الميثاق .
كل ذلك يصبح حبراً على ورق بوجود دولة دائمة العضوية تملك تلك الميزة و تتحكم بها و تملك الأداة أو الآلية كي توجد المنافذ للخارجين عن القانون ليعيثوا ما أرادوا بالسلم و الأمن الدوليين…….لكل ذلك
و بإعتبار أن العالم يتغير بإستمرا و المكاسب الإنسانية ترتقي بأثر تراكمي عبر الزمن
و باعتبار أن آخر تعديل على الميثاق كان قد تمّ قبل أكثر من نصف قرن من الزمن.
و باعتبار الفضيحة التي تمت بالتصويت الأخير باعتراف العديد من أعضاء مجلس الأمن بما فيهم ممثلي الدول الدائمة العضوية نفسها.
و لوجود أعضاء دائمين يدعمون الدكتاتورية و الطغيان و يدافعون عن أعمال القتل الجماعي و لا يتورعون عن الكذب حالهم كحال الطغاة أنفسهم.
و بإعتبار أن ميثاق الأمم المتحدة في وضعه الراهن عاجز تماماً عن تشكيل أي مرجعية أخلاقية أو قانونية أو سياسية يمكن الاحتكام إليها لفض النزاعات أو حفظ الأمن و السلم الدوليين لأن آلية اتخاذ القرار فيه قائمة على أساس الاستفراد و التمييز و سياسة الأمر الواقع و الحق المكتسب بمفاعيل الهيمنة لا على أساس الحق و العدل والقانون و المساواة.
الأمر الذي تسبب في وصمة عار على جبين المجتمع الدولي كما اعترف بذلك العديد من مندوبي الدول في مجلس الأمن الدولي نفسه مما يستوجب – الآن – تدخل القوة العالمية الثالثة لتشكيل تحالف دولي للمطالبة بتعديل ميثاق الأمم المتحدة عاجلاً غير آجل.